إدارة الشئون الفنية
فتنة المسيح الدجال

فتنة المسيح الدجال

03 مايو 2024

خطبة الجمعة المذاعة والموزعة

بتاريخ 24 من شوال 1445هـ - الموافق 3 / 5 / 2024م

فِتْنَةُ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. )يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(  [آل عمران:102].

أَمَّا بَعْدُ: فَيَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ:

 لَقَدْ بَعَثَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- رَسُولَهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِخَيْرِ دِينٍ وَأَكْمَلِ رِسَالَةٍ، لَمْ يَتْرُكْ خَيْرًا إِلَّا دَلَّ الْأُمَّةَ عَلَيْهِ، وَلَا شَرًّا إِلَّا حَذَّرَهَا مِنْهُ؛ ]يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا[ [الأحزاب:45-46].

وَإِنَّ مِنَ الْفِتَنِ الْعَظِيمَةِ الَّتِي حَذَّرَ مِنْهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ مِنْ آخِرِ الْفِتَنِ وُقُوعًا وَأَعْظَمِهَا خَطَرًا -فِتْنَةَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ؛ عَنْ هِشَامِ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا بَيْنَ خَلْقِ آدَمَ إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ أَمْرٌ أَكْبَرُ مِنَ الدَّجَّالِ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].

  بَلْ مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَحَذَّرَ أُمَّتَهُ مِنْهَا؛ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بُعِثَ نَبِيٌّ إِلَّا أَنْذَرَ أُمَّتَهُ الأَعْوَرَ الْكَذَّابَ» [رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ].

عِبَادَ اللهِ:

لَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْأَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذِكْرِ خُرُوجِ الدَّجَّالِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، وَأَنَّهُ يَخْرُجُ قُبَيْلَ قِيَامِ السَّاعَةِ فِي زَمَنِ الْمَهْدِيِّ وَعِيسَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ- يَدَّعِي أَنَّهُ اللهُ، وَيَأْمُرُ النَّاسَ بِالْإِيمَانِ بِهِ، بَالَغَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَصْفِهِ مُحَذِّرًا أَمَّتَهُ مِنْهُ، فَهُوَ رَجُلٌ شَابٌّ مِنْ بَنِي آدَمَ، أَحْمَرُ جَسِيمٌ، جُفَالُ الشَّعْرِ، أَيْ لَهُ شَعْرٌ غَزِيرٌ كَثِيرٌ، أَعْوَرُ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِأَعْوَرَ، أَلَا إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا]، سُمِّيَ بِذَلِكَ: لِأَنَّ إِحْدَى عَيْنَيْهِ مَمْسُوحَةٌ، أَوْ لِأَنَّهُ يَطُوفُ الْأَرْضَ كُلَّهَا وَيَمْسَحُهَا فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا.

عِبَادَ اللهِ:

إِنَّ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ حَيٌّ مُنْذُ أَزْمَنَةٍ مُتَطَاوِلَةٍ، قَدْ رَآهُ بَعْضُ الصَّحَابَةِ زَمَنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَدْ حَبَسَهُ اللهُ تَعَالَى، فَإِذَا أَذِنَ لَهُ بِالْخُرُوجِ خَرَجَ مِنْ جِهَةِ الْمَشْرِقِ مِنْ خُرَاسَانَ، مِنْ بَلْدَةِ أَصْبَهَانَ، فَيَسِيرُ فِي الْأَرْضِ فَلَا يَتْرُكُ بَلَدًا إِلَّا دَخَلَهُ، إِلَّا مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ فَإِنَّهُمَا مَحْرُوسَتَانِ بِأَمْرِ اللهِ تَعَالَى؛ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَخْرُجُ الدَّجَّالُ مِنْ يَهُودِيَّةِ أَصْبَهَانَ، مَعَهُ سَبْعُونَ أَلْفًا مِنَ الْيَهُودِ عَلَيْهِمُ السِّيجَانُ» -أَيِ: الْمَلَابِسُ- [رَوَاهُ أَحْمَدُ]، وَفِي صَحِيحِ مُسْلَمٍ مِنْ حَدِيثِ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُمْ رَأَوُا الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ، وَكَلَّمُوهُ، وَكَانَ مِمَّا قَالَ لَهُمْ: (إِنِّي أَنَا الْمَسِيحُ، وَإِنِّي أُوشِكُ أَنْ يُؤْذَنَ لِي فِي الْخُرُوجِ، فَأَخْرُجَ، فَأَسِيرَ فِي الأَرْضِ فَلَا أَدَعَ قَرْيَةً إِلَّا هَبَطْتُهَا فِي أَرْبَعِينَ لَيْلَةً غَيْرَ مَكَّةَ وَطَيْبَةَ؛ فَهُمَا مُحَرَّمَتَانِ عَلَيَّ كِلْتَاهُمَا، كُلَّمَا أَرَدْتُ أَنْ أَدْخُلَ وَاحِدَةً ـ أَوْ: وَاحِدًا مِنْهُمَا ـ اسْتَقْبَلَنِي مَلَكٌ بِيَدِهِ السَّيْفُ صَلْتًا يَصُدُّنِي عَنْهَا، وَإِنَّ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَائِكَةً يَحْرُسُونَهَا).

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ:

 إِنَّ فِتْنَةَ الدَّجَّالِ فِتْنَةٌ عَظِيمَةٌ، لَا عَاصِمَ مِنْهَا إِلَّا اللهُ؛ لِمَا مَعَهُ مِنَ الشُّبُهَاتِ وَخَوَارِقِ الْعَادَاتِ مِمَّا يُجْرِيهِ اللهُ تَعَالَى عَلَى يَدَيْهِ، فَتُبْهِرُ الْعُقُولَ، وَتُفْزِعُ الْقُلُوبَ.

فَالدَّجَّالُ مَعَهُ جَنَّةٌ وَنَارٌ، عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا مَعَ الدَّجَّالِ مِنْهُ، مَعَهُ نَهْرَانِ يَجْرِيَانِ، أَحَدُهُمَا رَأْيَ الْعَيْنِ، مَاءٌ أَبْيَضُ، وَالْآخَرُ رَأْيَ الْعَيْنِ، نَارٌ تَأَجَّجُ، فَإِمَّا أَدْرَكَنَّ أَحَدٌ، فَلْيَأْتِ النَّهْرَ الَّذِي يَرَاهُ نَارًا وَلْيُغَمِّضْ، ثُمَّ لِيُطَأْطِئْ رَأْسَهُ فَيَشْرَبَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ مَاءٌ بَارِدٌ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].

وَمِنْ فِتْنَتِهِ: أَنْ يَأْمُرَ الْأَرْضَ فَتُخْرِجَ كُنُوزَهَا، وَيَمُرَّ عَلَى مَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَهُ فَيَأْمُرَ السَّمَاءَ فَتُمْطِرَ وَالْأَرْضَ فَتُنْبِتَ، وَيَمُرَّ عَلَى مَنْ يُكَذِّبُونَهُ وَيَرُدُّونَ قَوْلَهُ فَيُصِيبَهُمُ الْقَحْطُ؛ عَنِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ t قَالَ: قُلْنَا يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا إِسْرَاعُهُ فِي الْأَرْضِ؟ قَالَ: «كَالْغَيْثِ اسْتَدْبَرَتْهُ الرِّيحُ، فَيَأْتِي عَلَى الْقَوْمِ فَيَدْعُوهُمْ فَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَجِيبُونَ لَهُ، فَيَأْمُرُ السَّمَاءَ فَتُمْطِرُ، وَالأَرْضَ فَتُنْبِتُ» وَفِيهِ: «ثُمَّ يَأْتِي الْقَوْمَ فَيَدْعُوهُمْ فَيَرُدُّونَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ، فَيَنْصَرِفُ عَنْهُمْ فَيُصْبِحُونَ مُمْحِلِينَ لَيْسَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَيَمُرُّ بِالْخَرِبَةِ فَيَقُولُ لَهَا: أَخْرِجِي كُنُوزَكِ، فَتَتْبَعُهُ كُنُوزُهَا كَيَعَاسِيبِ النَّحْلِ» -أَيْ: جَمَاعَاتِ النَّحْلِ- [رَوَاهُ مُسْلِمٌ]، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَأْتِي الدَّجَّالُ، وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ أَنْ يَدْخُلَ نِقَابَ الْمَدِينَةِ، فَيَنْزِلُ بَعْضَ السِّبَاخِ الَّتِي تَلِي الْمَدِينَةَ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِ يَوْمَئِذٍ رَجُلٌ، وَهُوَ خَيْرُ النَّاسِ - أَوْ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ - فَيَقُولُ أَشْهَدُ أَنَّكَ الدَّجَّالُ الَّذِي حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثَهُ، فَيَقُولُ الدَّجَّالُ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ قَتَلْتُ هَذَا، ثُمَّ أَحْيَيْتُهُ، هَلْ تَشُكُّونَ فِي الْأَمْرِ؟ فَيَقُولُونَ: لَا، فَيَقْتُلُهُ ثُمَّ يُحْيِيهِ، فَيَقُولُ: وَاللَّهِ مَا كُنْتُ فِيكَ أَشَدَّ بَصِيرَةً مِنِّي الْيَوْمَ، فَيُرِيدُ الدَّجَّالُ أَنْ يَقْتُلَهُ فَلَا يُسَلَّطُ عَلَيْهِ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].

عِبَادَ اللهِ:

  يَمْكُثُ الدَّجَّالُ فِي الْأَرْضِ، وَيَفْتَتِنُ بِهِ النَّاسُ- الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ- أَرْبَعِينَ يَوْمًا، يَوْمًا كَسَنَةٍ، وَيَوْمًا كَشَهْرٍ، وَيَوْمًا كَأُسْبُوعٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِنَا، فَيَتَّبِعُهُ مِمَّنِ افْتُتِنَ بِهِ وَالْعِيَاذُ بِاللهِ، وَلَا يَنْجُو إِلَّا مَنْ عَصَمَهُ اللهُ وَحَفِظَهُ، حَتَّى يَنْزِلَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- عَلَى الْمَنَارَةِ الشَّرْقِيَّةِ بِدِمَشْقَ؛ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- ... فَأَمَّهُمْ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللهِ، ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللهُ بِيَدِهِ، فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَن لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

أَمَّا بَعْدُ:

فَأُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ تَعَالَى؛ فَإِنَّهُ مَنِ اتَّقَى اللهَ وَقَاهُ، وَعَصَمَهُ وَآوَاهُ.

أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ:

اتَّقُوا اللهَ وَسَلُوهُ الثَّبَاتَ عَلَى دِينِهِ، وَالسَّلَامَةَ مِنَ الْفِتَنِ؛ فَإِنَّ فِتْنَةَ الدَّجَّالِ عَظِيمَةٌ وَشُبْهَتَهُ خَطِيرَةٌ، وَلَقَدْ أَرْشَدَ النَّبِيُّ r أَمَّتَهُ إِلَى مَا يَعْصِمُهَا مِنَ الدَّجَّالِ، وَيُعِيذُهَا مِنْهُ وَمِنْ ذَلِكَ: الْإِيمَانُ بِاللهِ تَعَالَى وَمَعْرِفَةُ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلْيَا، فَالدَّجَّالُ بَشَرٌ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ، أَعْوَرُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى، وَاللهُ تَعَالَى لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصيرُ.

وَمِمَّا يَعْصِمُ مِنْ فِتْنَتِهِ: التَّمَسُّكُ بِكِتَابِ اللهِ تَعَالَى وَحِفْظُهُ؛ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ» [رَوَاهُ مُسْلِمٌ].

وَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ سُؤَالُ اللهِ تَعَالَى: الْحِفْظَ وَالْعِصْمَةَ مِنْ فِتْنَتِهِ؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدْعُو وَيَقُولُ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ عَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ» [مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ].

وَيَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ الْفِرَارُ مِنَ الدَّجَّالِ وَالْبُعْدُ عَنْهُ، فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهُ؛ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَمِعَ بِالدَّجَّالِ فَلْيَنْأَ عَنْهُ، فَوَاللَّهِ إِنَّ الرَّجُلَ لَيَأْتِيهِ وَهُوَ يَحْسِبُ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ فَيَتَّبِعُهُ، مِمَّا يَبْعَثُ بِهِ مِنَ الشُّبُهَاتِ» [رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ]، وَهَكَذَا فِي كُلِّ أَنْوَاعِ الْفِتَنِ الْوَاجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ الْبُعْدُ عَنْهَا وَالْفِرَارُ مِنْهَا؛ صِيَانَةً لِدِينِهِ، وَحِفْظًا لِإِيمَانِهِ؛ فَإِنَّ النُّفُوسَ ضَعِيفَةٌ، وَالْفِتِنَ خَطَّافَةٌ.

قَالَ الْعَلَّامَةُ السَّفَّارِينِيُّ -رَحِمَهُ اللهُ-: (فَيَنْبَغِي لِكُلِّ عَالَمٍ أَنْ يَبُثَّ أَحَادِيثَ الدَّجَّالِ بَيْنَ الْأَوْلَادِ وَالنِّسَاءِ وَالرِّجَالِ، وَلَا سِيَّمَا فِي زَمَانِنَا هَذَا الَّذِي اشْرَأَبَّتْ فِيهِ الْفِتَنُ، وَكَثُرَتْ فِيهِ الْمِحَنُ، وَانْدَرَسَتْ فِيهِ مَعَالِمُ السُّنَنِ، وَصَارَتِ السُّنَنُ فِيهِ كَالْبِدَعِ، وَالْبِدْعَةُ شَرْعًا مُتَّبَعًا، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ).

اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى صَاحِبِ الْوَجْهِ الْأَنْوَرِ، وَالْجَبِينِ الْأَزْهَرِ، مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الْغُرَرِ، وَمَنْ سَارَ عَلَى هَدْيِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْمَحْشَرِ.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ والْمُسْلِمَاتِ؛ الْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ ، إِنَّكَ قَرِيبٌ سَمِيعٌ مُجِيبُ الدَّعَوَاتِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مُوجِبَاتِ رَحْمَتِكَ، وَعَزَائِمَ مَغْفِرَتِكَ، وَالسَّلَامَةَ مِنْ كُلِّ إِثْمٍ وَالْغَنِيمَةَ مِنْ كُلِّ بِرٍّ، وَالْفَوْزَ بِالْجَنَّةِ وَالنَّجَاةَ مِنَ النَّارِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِنَا وَدُنْيَانَا وَأَهْلِنَا وَمَالِنَا، اللَّهُمَّ وَفِّقْ أَمِيرَنَا لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَى، وَخُذْ بِنَاصِيَتِهِ لِلْبِرِّ وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ وَفِّقْهُ لِهُدَاكَ، وَاجْعَلْ أَعْمَالَهُ الصَّالِحَةَ فِي رِضَاكَ، وَاجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا مُطْمَئِنًّا، سَخَاءً رَخَاءً وَسَائِرَ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

لجنة إعداد الخطبة النموذجية لصلاة الجمعة

الرقعي - قطاع المساجد - مبنى تدريب الأئمة والمؤذنين - الدور الثاني